مستقبل القيم الأخلاقية في عالم اليوم

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مستقبل القيم الأخلاقية في عالم اليوم, اليوم الأحد 28 أبريل 2024 11:23 مساءً

مستقبل القيم الأخلاقية في عالم اليوم

نشر بوساطة فايز بن عبد الله الشهري في الرياض يوم 28 - 04 - 2024

alriyadh
تعني القيم الأخلاقية في معظم الموسوعات مجموعة المبادئ والمعتقدات التي ترشد الأفراد وتوجه القوانيين المنظمة لحياة وعلاقات المجتمعات، ولتحديد ما هو صواب وما هو خطأ.
والأخلاق - وفق هذا المفهوم - تساعد في تشكيل شخصية الفرد والتأثير على تصرفاته وقراراته وتصوراته وفهمه لقيم الإنصاف والعدالة والرحمة والصدق واحترام الآخرين.
ومن المستقر على مر التاريخ أن الأديان هي المرجعية المقدسة لتحديد المفاهيم الأخلاقية، ثم رسم حدود تصرفات الفرد في ذاته وممتلكاته، وضبط سلوكه وعلاقاته بالآخرين حتى ظهرت مفاهيم تقديس الحرية والفردانية في الغرب، وتوارى الدين في الأديرة والكنائس التي تخلو في غالبها من الرواد. ومع هذه التطورات أصبح العقل هو الحاكم على تصرفات الفرد في إطار القانون الذي يضع ضوابطه "الصوت الانتخابي" الخاضع للعرض والطلب حين وضع التشريعات والقوانين، ومن هنا ظهرت قوانين السماح باستخدام المخدرات، وحق الإجهاض وحرية العبث بالجنس بالبشري والهوية الجندرية وفقا لصخب الشارع الضاغط على مجالس التشريع وحاجات السوق (الوحش) الرأسمالي إلى اجتذاب شرائح سوقية جديدة في الملبس والمأكل واللهو والترفيه وإشباع رغباتهم وشهواتهم.
وبناء على هذه المقدمات صنع الغرب انقلابًا في مفاهيم الأخلاق والقيم، ما أدى إلى توسع دائرة الخلاف بين الشرق والغرب حتى وصل الموضوع إلى القيم الإنسانية المشتركة التي طالما جمعت البشرية باختلاف أديانها وثقافاتها خاصة فيمَا يتعلق بالأسرة والأديان وعلاقات الحرب والسلم. ويرى العالم اليوم شواهد ذلك في قضايا الحرب والعدوان كيف تتأرجح القيم (العدل، السلام، الحرية) في تعريف المعتدي والضحية، تطبيقًا على ما يحدث من عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية مقارنة بما يجري على أراضي أوكرانيا حيث يرتفع الصوت وتتدفق المساعدات الغربية الضخمة على إسرائيل وأوكرانيا دون حدود للأخلاق والقيم.
ومما لا يمكن إغفاله أن الابتكارات التكنولوجية والتقدم في الطب والعلوم عوامل ستلعب دورًا مهمًا في إعادة تشكيل المعتقدات والسلوكيات الأخلاقية بما قد يؤدي إلى (تليين) تغييرات في الأعراف المجتمعية، وعلى هذا النحو ستخف الممانعة الاجتماعية المرتبطة بالعيب الاجتماعي أو الخوف حين تقدم الوسائل الحديثة التي تخفف من ذلك حتى لو كانت على حساب قيم راسخة أو ثوابت دينية معتبرة، وشواهد التغيير بدأت مع التقدم في علم الجينات وابتكارات موانع الحمل، وزراعة الأعضاء وأخلاقيات الطب في مجال التلقيح الصناعي، والتجميل وتغيير الجنس ونحو ذلك.
وعلى المستوى الفردي أيضا سيشجع الجشع نحو اكتساب المزيد من المال والشهرة على التنازل التدريجي (من قبل الفرد والأسرة) عن لوازم عنصريين مهمين طالما كانا حصني القيم الراسخة الأساس وهما: العيب الاجتماعي والحرام الديني.
وإذا قاد المال السلوك الفردي والمجتمعي فسيكون الضابط هنا هو الربح والخسارة وليس الممنوع أو المسموح الأخلاقي (الديني)، وهنا تتسع الدوائر حتى تتداخل وتحدث فوضى الاشتباك بين المفاهيم. وإذا اقترن هذا الاتجاه (التسليعي) النفعي مع تقديس العقل (الحرية) بوصفه ميزان التصرفات ومرجع العلاقات والسلوكيات فستحدث إضافة للفوضى الروحية اختلالات عميقة في علاقات الإنسان بأسرته ومجتمعه ووطنه، فضلًا على فصم العلاقة بمعتقده الذي ترسخ مرجعية مقدسة عبر قرون من الأسئلة والأجوبة.
* قال ومضى:
حتى لو نبت للنملة جناحان فهي لا تملك روح الصقر لتحلق..




0 تعليق